responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 89
وَيُطْلَقُ عَلَى الْأُمَّةِ.
وَذكر لفظ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ دُونَ أَنْ يُقَالَ لِلَّذِينَ يَعْقِلُونَ أَوْ لِلْعَاقِلِينَ لِأَنَّ إِجْرَاءَ
الْوَصْفِ عَلَى لَفْظِ قَوْمٍ يُومِئُ إِلَى أَنَّ ذَلِكَ الْوَصْفَ سَجِيَّةٌ فِيهِمْ، وَمِنْ مُكَمِّلَاتِ قَوْمِيَّتِهِمْ، فَإِنَّ لِلْقَبَائِلِ وَالْأُمَمِ خَصَائِصَ تُمَيِّزُهَا وَتَشْتَهِرُ بِهَا كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَما هُمْ مِنْكُمْ وَلكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ [التَّوْبَة: 56] ، وَقَدْ تَكَرَّرَ هَذَا فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ وَمِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ، فَالْمَعْنَى أَنَّ فِي ذَلِكَ آيَاتٍ لِلَّذِينَ سَجِيَّتُهُمُ الْعَقْلُ، وَهُوَ تَعْرِيضٌ بِأَنَّ الَّذِينَ لَمْ يَنْتَفِعُوا بِآيَاتِ ذَلِكَ لَيْسَتْ عُقُولُهُمْ بِرَاسِخَةٍ وَلَا هِيَ مَلَكَاتٌ لَهُمْ وَقَدْ تَكَرَّرَ هَذَا فِي سُورَةِ يُونُسَ.
[165]

[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 165]
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْداداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذابِ (165)
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْداداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ.
عَطْفٌ عَلَى إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ [الْبَقَرَة: 164] إِلَخْ لِأَنَّ تِلْكَ الْجُمْلَةَ تَضَمَّنَتْ أَنَّ قَوْمًا يَعْقِلُونَ استدلوا بِخلق السَّمَوَات وَالْأَرْضِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ عَلَى أَنَّ اللَّهَ وَاحِدٌ فَوَحَّدُوهُ، فَنَاسَبَ أَنْ يَعْطِفَ عَلَيْهِ شَأْنَ الَّذِينَ لَمْ يَهْتَدُوا لِذَلِكَ فَاتَّخَذُوا لِأَنْفُسِهِمْ شُرَكَاءَ مَعَ قِيَامِ تِلْكَ الدَّلَائِلِ الْوَاضِحَةِ، فَهَؤُلَاءُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مَنْ دُونِ اللَّهِ هُمُ الْمُتَحَدَّثُ عَنْهُمْ آنِفًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ [الْبَقَرَة: 161] الْآيَاتِ.
وَقَوْلُهُ: وَمِنَ النَّاسِ خَبَرٌ مُقَدَّمٌ وَقَدْ ذَكَرْنَا وَجْهَ الْإِخْبَارِ بِهِ وَفَائِدَةَ تَقْدِيمهِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ [الْبَقَرَة: 8] وَعَطْفُهُ عَلَى ذِكْرِ دَلَائِلِ الْوَحْدَانِيَّةِ وَتَقْدِيمُ الْخَبَرِ وَكَوْنُ الْخَبَرِ مِنَ النَّاسِ مُؤْذِنٌ بِأَنَّهُ تَعَجُّبٌ مِنْ شَأْنِهِمْ.
ومِنَ فِي قَوْلِهِ: مَنْ يَتَّخِذُ مَا صدقهَا فَرِيقٌ لَا فَرْدٌ بِدَلِيلِ عَوْدِ الضَّمِيرِ فِي قَوْلِهِ:
يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ.
وَالْمُرَادُ بِالْأَنْدَادِ الْأَمْثَالُ فِي الْأُلُوهِيَّةِ وَالْعِبَادَةِ، وَقَدْ مَضَى الْكَلَامُ عَلَى النِّدِّ بِكَسْرِ النُّونِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ [الْبَقَرَة: 22] .
وَقَوْلُهُ: مِنْ دُونِ اللَّهِ مَعْنَاهُ مَعَ الله لِأَن كلمة دُونَ تؤذن بالحيلولة لِأَنَّهَا بِمَعْنَى وَرَاءَ فَإِذَا قَالُوا اتَّخَذَهُ دُونَ اللَّهِ فَالْمَعْنَى أَنَّهُ أَفْرَدَهُ وَأَعْرَضَ عَنِ اللَّهِ وَإِذَا قَالُوا اتَّخَذَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَالْمَعْنَى أَنَّهُ جَعَلَهُ بَعْضَ حَائِلٍ عَنِ اللَّهِ أَيْ أَشْرَكَهُ مَعَ اللَّهِ لِأَنَّ الْإِشْرَاكَ يَسْتَلْزِمُ الْإِعْرَاضَ عَنِ
اللَّهِ فِي أَوْقَاتِ الشُّغْلِ بِعِبَادَةِ ذَلِكَ الشَّرِيكِ.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 89
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست